جديد الأخبار

علوم وتقنية

كل ما تحتاج معرفته عن طاقة الاندماج النووي

عدن لنج - مرصد المستقبل
 
الاندماج النووي هو "الكأس المقدسة" التي يسعى وراءها الجميع منذ فترة طويلة في مجال أبحاث الطاقة، ويمكن أن تكون مصدراً غير محدود تقريباً من الطاقة النظيفة والآمنة في نفس الوقت.

الاندماج النووي هو التفاعل الذي يتم خلاله تغيير النوى الذرية بالاصطناع النووي، وعادةً ما يتضمن التفاعل ذرات الهيدروجين التي تندمج مع بعضها البعض لتشكيل نوى جديدة مطلقة الطاقة، ويتحقق هذا التفاعل في النجوم بفضل الجاذبية العالية، ونفس الشيء يمكن أن يتحقق على الأرض باستخدام المجالات المغناطيسية لضغط البلازما عالية الحرارة (درجة حرارة عالية تصل إلى ملايين الدرجات المئوية).

ظلت المجتمعات العلمية تصقل هذه العملية لسنوات، وأنجزت في الواقع بعض التفاعلات الاندماجية النظيفة، ولكن فقط لفترات قصيرة جداً من الزمن. في عام 2013، نجح مفاعل توكاماك في إبقاء تفاعل اندماج مستمر لحوالي 30 ثانية، وهي خطوة كبيرة نظراً إلى أن التفاعلات السابقة لم تستمر أكثر من بضعة مللي ثانية.

ما يلي هو كل ما تحتاج لمعرفته حول الاندماج النووي، ومشاكله ومخاطره، وكيف يمكن أن يحول عالمنا تماماً.

لماذا الاندماج صعبٌ للغاية؟

لأن الحرارة اللازمة لإحداث تفاعل مستدام مرتفعة جداً، فإن المواد التي سيتم استخدامها لاحتواء التفاعل قد تذوب بشكل طبيعي، والبديل هو استخدام المجالات المغناطيسية لتقليص البلازما الناتجة، وبالتالي إبقاء البلازما ضمن مسافة معقولة بعيداً عن الجدران الداخلية للمفاعل، ولكن هذا يطرح بعض المشكلات في حد ذاته.

وتفسر يورو فيوجن العملية: "من خلال إنشاء خطوط المجال المغناطيسي في شكل ملفات حلقية حول المناطق الداخلية من التوكاماك، تضطر الأيونات والإلكترونات في البلازما إلى السفر بإحكام حول خطوط المجال، مما يمنعها من الهرب من الوعاء، وتساعد حقول إضافية في تشكيل البلازما والاحتفاظ بها مستقرة داخل التوكاماك، ويتم إنشاء الحقول المغناطيسية من خلال لفائف تحيط بوعاء التوكاماك".

ومع ذلك، فإن التكنولوجيا المستخدمة لإنشاء حقول مغناطيسية قوية ليست متقدمة بما فيه الكفاية، على الرغم من أننا قريبون جداً من تحقيق المطلوب.

لماذا الاندماج النووي أفضل منالانشطار؟

باختصار، عملية الانشطار النووي هي تحطيم الذرات، وعملية الاندماج النووي هي جمع الذرات معاً.

مفاعلات الانشطار - كالتي تغذي شبكات الكهرباء اليوم - تستخدم اليورانيوم 235 الذي يتم قصفه بالنيوترونات عالية السرعة، مما يفكك ذرات اليورانيوم ويطلق الطاقة التي يتم تسخيرها فيما بعد على هيئة حرارة، والمشكلة في هذه العملية هي أن نواتجها - وأبرزها أشعة غاما - تشكل خطراً، فيمكن أن تسبب السرطان في جرعاتها الصغيرة ويمكن أن تكون قاتلة إذا تم التعرض لها بجرعات كبيرة بما فيه الكفاية.

ملكية الصورة: ناساملكية الصورة: ناسا

بالإضافة إلى الأشعة الضارة المنبعثة من تفاعل الانشطار، فإن النفايات النووية الناتجة منها تظل مشعة - من الناحية العملية - إلى الأبد.
على الجانب الآخر، في حين أن مفاعلات الاندماج تنتج نفايات مشعة، إلا أن فترة عمر النصف لهذه المواد أقصر بكثير، وليست خطيرة إذا ما قورنت بتلك الناتجة من تفاعلات الانشطار.
في الواقع، المنتجات الثانوية الأولى للاندماج هي الهليوم، وجسيمات النيوترينو، والحرارة. الهيليوم غير مؤذٍ حيثُ إنه غاز خامل، والحرارة يتم امتصاصها واستخدامها كقوة دافعة لتزويد مولدات البخار، وجسيمات النيوترينو يمكن مجابهتها بسهولة بالتدريع، وفي الظروف الاعتيادية لا تتواجد هذه الانبعاثات بتركيزات عالية بما يكفي لتؤثر في البيئة المحيطة.

ما هو نوع الوقود الذي يستخدمه مفاعل الاندماج؟

أنواع الوقود الأكثر شيوعاً والمقبول استخدامها في مفاعلات الاندماج هي الديوتيريوم، والتريتيوم، والهليوم-3 أو البورون-11، وتُستخدم هذه العناصر بكميات ضئيلة نسبياً، والديوتيريوم يمكن استخراجه من مياه البحر.

النجوم الاندماجية وغير الاندماجية

الشمس في مركز المجموعة الشمسية تسحق العناصر التي داخلها تحت الكثير من الضغط (الذي تتسبب فيه جاذبية الشمس الهائلة)، وتندمج ذرات الهيدروجين لتكوّن الهليوم وتطلق الحرارة والضوء، وأنواعاً أخرى من الإشعاعات التي تدعم وتصيب الأرض على حد سواء.

من المحتمل ألا نتمكن أبداً من الوصول لتفاعل اندماج مماثل لما يحدث في الشمس على الأرض، وذلك بسبب عدم قدرتنا على خلق الجاذبية الاصطناعية المطلوبة، ولكن يمكننا تقليص وضغط تفاعلات مماثلة يمكن أن تؤدي تقريباً إلى نفس النتيجة.

ملكية الصورة: VisualPhotosملكية الصورة: VisualPhotos

النجم النيوتروني هو مثال لنجم اندماجي سابق، استهلك كل الوقود تاركاً وراءه نواة متقلصة من المواد الباقية.

في حين أن هذا النوع من نجوم أصغر بكثير في الأبعاد المادية كان عليه في السابق، إلا أن هذه المواد المتبقية كثيفة للغاية، إذ يصل وزن مقدار ملعقة صغيرة منها حوالي 5000 طن.

لماذا نهتم جداً بالاندماج النظيف؟

الأثر البيئي للاندماج وحده (أو عدمه) هو سبب أكثر من كافٍ لإجراء البحوث وتحسين هذه التكنولوجيا، والاندماج لديه القدرة على توليد كهرباء غير مكلفة، ومتاحة بشكل أكبر، وفي نهاية المطاف أرخص من حيث المواد الخام، والتخلص من النفايات، والقوى العاملة.

من الناحية التجارية يمكن لطاقة الاندماج أن تكون قادرة على أن تعمل بأمان أكبر، وبشكل أكثر كفاءة من الطرق الحالية لإنتاج الطاقة، وبتكلفة أقل مع إنتاج عالٍ للطاقة.

حسناً، ولكن كيف ستؤثر طاقة الاندماج عليّ؟

من المحتمل في نهاية المطاف أن النتيجة الوحيدة التي قد نراها هي تغير في قيمة فواتير الكهرباء، وربما للأفضل، ولكن لنأخذْ في الاعتبار أن طاقة الاندماج غير متوفرة تماماً بعد، ونحن ليس لدينا أي فكرة عمّا ستكون عليه التكلفة النهائية. في البداية ربما لن نرى أي تغيير في فواتير الكهرباء، ولكن مع مرور الوقت فإن التضخّم المنتظم في أسعار الطاقة سوف يصبح أكثر ثباتاً وأقل حدة.

لنضع في الاعتبار أن طاقة الاندماج لا تعتمد على الوقود الأحفوري، وسرعة الرياح أو التعرض للشمس كما في أساليب إنتاج الطاقة الحالية، وهذا يعني أن المادة المطلوبة لتشغيل مفاعل توكاماك هي أكثر موثوقية من الإمدادات المتناقصة باطراد من النفط والفحم، في حين أن نفس الشيء يمكن أن يقال عن المفاعلات الانشطارية، إلا أن التكلفة أعلى، والأمان أقل، والتخلص من النفايات مشكلة أكبر (كما هو موضح أعلاه).

كيف سيكون تأثير طاقة الاندماج على العالم؟

تجارياً، ستحتكر الشركات الكبرى في البداية طاقة الاندماج العملية، وفي نهاية الأمر الشركات هي من يوفر معظم التمويل لبحوث الاندماج حتى على المستوى الأكاديمي، على الرغم من عدم تجرّد الحكومة الأمريكية من التمويل، لكن المنافسة ستبقي الأسعار منخفضة.

الاندماج قد يعني موت مصادر الطاقة المتجددة مثل: الرياح، وإنتاج الطاقة الشمسية، وطاقة المد الحركية.

ربما ستجد الأجيال القادمة شيئاً يشكروننا عليه.

بعض أبرز مشاريع الاندماج الواعدة:

 
 

مواضيع مشابهه