علماء قد يتمكنون من القضاء على الملاريا بواسطة تعديل الجينات، ولكن هل يجب عليهم فعل ذلك؟

تقنية كريسبر للعثور على الجينات وتعديلها

تعدّ الملاريا من الأمراض المميتة بالفعل. ففي عام 2015، تم الإبلاغ عمّا يقارب من 214 مليون حالة إصابة ونحو 438 ألف حالة وفاة بسبب هذا المرض. ولذلك، فإن الأمر أشبه بالحلم الذي يتحقق عندما تتمكن إحدى التقنيات الجديدة من المساعدة في القضاء على هذا المرض المميت دفعة واحدة وبشكل نهائي.

ويُذكر أن تقنية كريسبر (أي التكرارات العنقودية المتناوبة منتظمة التباعد) هي إحدى طرق تعديل الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين (DNA)، والتي تسمح للعلماء بقص أجزاء محددة من الشفرة الوراثية للكائن الحي وإضافة حمض نووي آخر. كما تتيح لهم هذه العملية تعديل خصائص الكائن الحي وكذلك "الدفع الجيني" وهو مصطلح يطلقه علماء الأحياء على الآلية الخلوية التي تضمن توريث خاصية معينة. وبالتالي، يمكن للعلماء بواسطة تقنية كريسبر إجبار الصفات المرغوبة لتصبح سائدة في سلالات النوع.

ويعود سبب الملاريا إلى كائنات حية تدعى طفيليات المتصوّرات، والتي تنتقل من شخص لآخر عن طريق البعوض. ويمتلك البعوض المعدّل بتقنية كريسبر طبيعة وراثية مقاومة للمتصوّرات بشكل كامل، وستكون هذه الصفة سائدة عبر السلالات.

ومن الناحية النظرية، فإن إطلاق عدد كافٍ من البعوض المعدّل في البراري من شأنه أن يسيطر على المجتمع الناقل للملاريا. كما سيكون العدد الهائل للوفيات بسبب الملاريا شيئاً من الماضي.

الكثير من الأسئلة

ولا يعدّ استخدام تقنية كريسبر للقضاء على البعوض الناقل للملاريا أمراً واضحاً كما يبدو عليه. حيث إن الهندسة الوراثية هي من المجالات شديدة التنظيم، كما أن المخاوف الأخلاقية المتعلقة بالتطور وما يمكن أن يتحدّد بالتجارب السابقة هي جزء من النقاش المحتدم بشأن تقنية كريسبر.

ويذكر أن هذه التقنية لا تزال جديدة نسبياً، كما أن دمجها في البراري يمكن أن يؤدي إلى عدد كبير من النتائج غير المتوقعة بل وربما الضارة. وقد يتكيف البعوض بشكل سلبي بمجرد انتشار التعديلات على نطاق واسع، وربما تنتقل الجينات التي تم إدخالها إلى أنواع أخرى وتؤدي إلى نتائج غير متوقعة، وقد يتأثر النظام البيئي مما يؤدي إلى انقراض بعض الأنواع.

هذا ويعتبر التعديل الوراثي للأنواع على نطاق عالمي إجراءً دائماً لا يمكن التراجع عنه، ولذلك فإن أي حوادث في التنفيذ يمكن أن تكون كارثية. وإذا كنا قد تعلمنا شيئاً من التعديل الوراثي للكائنات الحية الأخرى، فهو أن القوة الكبيرة تأتي من المسؤولية الكبيرة، ولذلك، وقبل استخدام تقنية كريسبر للتعديل الدائم لكامل النوع، يجب علينا استكشاف كافة العواقب المحتملة لأفعالنا.