للمرة الأولى على الإطلاق: احتمال رؤية العلماء للذكريات أثناء تشكّلها

المكونات الأساسية للذاكرة

اكتشف باحثون من معهد البحر المتوسط للبيولوجيا العصبية في مرسيليا بفرنسا طريقةً لمراقبة العملية العصبية التي يشتبهون بأنها تساعد في تشكّل الذكريات.

وقد درس الباحثون خلايا الدماغ المسؤولة عن تحديد المكان والمسافة عند الفئران والبشر. وحصلت هذه الخلايا العصبية على اهتمام العلماء لأنهم لاحظوا أنها ترسل نبضات كهربائية وفق تسلسل معين عندما يكون الدماغ في حالة الراحة. وتقول الباحثة روزا كوسارت بأنه من المحتمل أن الدماغ يعيد رسم مساره ذهنياً كجزء من العملية التي تساعد في تشكّل الذكريات عند الفئران، وكل ما كان يلزم هو تحديد ورسم هذا التسلسل العصبي.

ولتحديد النشاط العصبي في الجزء المعروف بالحُصين في الدماغ، قامت الباحثة روزا وفريقها بإضافة البروتين الأخضر المتألّق (GFP) إلى الخلايا العصبية لأربعة فئران. وكانت هذه البروتينات المحقونة تتألّق عندما تغمُر أيونات الكالسيوم الخلية، مما يشير إلى أن الخلية العصبية تنشط بشكل فعّال. ويذكر بأنهم راقبوا ألف خلية عصبية في الفأر الواحد، وكانت النتيجة هي خريطة تألّقية لنشاط الدماغ، والتي لم يتم رصدها مسبقاً بمثل هذا النطاق.

شبكة من الخبرات

تمت مراقبة نشاط الدماغ لدى الفئران أثناء سيرها على جهاز المشي وأثناء وضع الراحة أيضاً، وتمكّن الباحثون من تأكيد كيفية تنشيط الخلايا العصبية بشكل متسلسل، كما لو أنهم يلاحظون المسافة المقطوعة. وعلاوة على ذلك، فقد تألّقت نفس الخلايا العصبية عندما كانت الفئران بوضع الراحة، حيث كانت تنشط بسرعة أكبر وبمجموعات تسلسلية، كما لو أن ذلك هو انعكاس للنشاط السابق ولحفظه في الذاكرة.

حقوق الصورة: سوزان رايتشينيك / معهد البحر المتوسط للبيولوجيا العصبية

وتعتقد روزا أن كل مجموعة تسلسلية تمثّل جزءاً معيناً من الخبرة السابقة للفأر، حيث تقول: "لقد تمكنا من تصوير المكونات الأساسية الفردية للذاكرة."

ومع ذلك، لم يكن جورج دراجوي من جامعة ييل واثقاً من هذه النتائج. حيث علّق بأن الخلايا العصبية أرسلت نبضات كهربائية أثناء الراحة، وقد يكون ذلك مجرد نشاط عادي للدماغ وقد لا يكون مرتبطاً بالضرورة بتشكّل الذاكرة.

وبالرغم من انبهار كامران ديبا من جامعة ويسكونسن في ميلواكي بالبحث، إلا أن لديه تحفّظات مماثلة. فهو يتساءل عن سبب عمل الخلايا العصبية في مجموعات أثناء الراحة إذا كانت تقوم بوظيفتها بشكل فردي عندما كانت الفئران أثناء العمل.

وبغض النظر عن التحفّظات، فربما تتأكّد فائدة هذه النتائج في الأبحاث الطبية (مثل أبحاث مرض الزهايمر)، شريطة أن يتم إجراء المزيد من الدراسات لتأكيد نفس الأنماط في نشاط دماغ الإنسان.