تزايد الأدلة على وجود رباعيات الكوارك بمساعدة مصادم الهدرونات الكبير

عثر الفيزيائيون العاملون في مصادم الهدرونات الكبير على مجموعة كاملة من الجسيمات التي تحوي أربع كواركات ثقيلة، مما يؤكد على وجود رباعيات الكوارك. خصائص هذه الجسيمات الرباعية لا تتفق مع قوانين الفيزياء الموجودة حالياً.

"لم نر شيئاً كهذا من قبل"

تحوي البروتونات على أعداد كبيرة من الكواركات والكواركات المضادة، غير أن ثلاثة منها، والمسماة بكواركات فالينس، هي التي تشكل الشحنة الموجبة للبروتون، ولهذا يسمى البروتون بثلاثي الكواركات.

تعتبر الجسيمات ثنائية وثلاثية الكواركات مألوفة في تاريخ الفيزياء، مما حول الاكتشاف الذي حصل مؤخراً للجسيمات رباعية الكواركات "tetraquarks" وخماسية االكواركات "pentaquarks" إلى معركة صعبة نظراً لأنه قوبل بالكثير من التشكيك. في 2003، تم رصدجسيمات في حالتها رباعية الكواركات لأول مرة في تجربة "بل" في اليابان، غير أن الدليل لم يكن قاطعاً، ومنذ ذلك الحين أعلنت عدة مراكز بحثية مثل بل ومختبر فيرمي، عن مشاهدات مشابهة، ولكن لم تتمكن أي مؤسسة من تقديم الدليل الحاسم على وجود هذه الجسيمات.

حقوق الصورة: Nature

أخيراً في عام 2014، أكد مصادم الهدرونات الكبير وجود رباعي الكواركات، والآن فقد حدد وجود أربع جسيمات إضافية من هذا النوع، وهو اكتشاف مؤكد نظراً لوجود دليل صلب يثبت وجود هذه الجسيمات بشكل نهائي. يقول الفيزيائي كاي يي من جامعة أيوا، المشارك في تجربة كاشف المصادم في مختبر فيرمي والتجربة المشتركة بين مختبر فيرمي، وجامعة كولومبيا، وMIT : "لقد كان الطريق إلى هذا الاكتشاف طويلاً جداً".

سميت هذه الجسيمات الغريبة بناء على كتلها مقدرة بواحدة ميجا إلكترون-فولت: X(4140), X(4274), X(4500), X(4700). يتألف كل من هذه الجسيمات بشكل كامل من الكواركات الثقيلة: اثنان من الكواركات الساحرة "charm quarks" واثنان من الكواركات الغريبة "strange quarks" مرتبة بطريقة فريدة، وكل منها ذو بنية داخلية مختلفة من حيث الكتلة والأرقام الكمومية. يقول بروفسور الفيزياء توماز سكوارنيكي من جامعة سيراكيوز: "تتصرف الكواركات داخل هذه الجسيمات كما تتصرف الإلكترونات في الذرة، حيث يمكن إثارتها لتقفز إلى مدارات طاقية أعلى. التشكيل الطاقي لهذه الكواركات يعطي كل جسيم كتلتها وهويتها المميزة. لقد اكتشفنا منظومة فريدة من نوعها، لدينا أربع جزيئات غريبة من نفس النوع، وهي المرة الأولى التي نرى فيها شيئاً كهذا، وقد بدأنا التمييز بين نماذجنا النظرية بالاستعانة بهذا الاكتشاف"

هل هي جسيمات فعلاً؟

لا يمكن لقوانين الفيزياء الحالية أن تفسر هذا الاكتشاف الكبير. يقول الباحث توماس بريتون من جامعة سيراكيوز: "لقد فحصنا كل جسيم وكل طريقة لنتأكد أن هذه البنى الأربعة لا يمكن تفسير وجودها بقوانين الفيزياء الموجودة. لقد كان الأمر أشبه بخبز كعكة سداسية الأبعاد من 98 مقداراً وبدون وصفة، فقط صورة للكعكة"

يعمل الباحثون حالياً على وضع نماذج يمكن أن تساعد على تفسير وجود هذه الجسيمات الجديدة، والتي قد لا يمكن حتى أن تعتبر أنها جسيمات، نظراً لأنها لا تتصرف بشكل يتفق مع النماذج المعيارية للجسيمات. يضيف سكوارنيكي: "التفسير الجزيئي لا يتفق مع البيانات، ولكنني شخصياً لا أميل للاستنتاج أنها حالات وثيقة الترابط من أربع كواركات، من المحتمل أنها ليست حتى جسيمات. قد تساهم النتيجة في توضيح التقلبات المعقدة لأزواج الجسيمات التي تغير هويتها بشكل عشوائي"

هذه الجسيمات الغريبة (أو مهما كانت بنيتها الحقيقية) قد تفتح الطريق أمام عهد جديد من التوسع في الفيزياء الكمومية، وذلك بفضل مصادم الهدرونات الكبير. يقول بريتون: "إن الكمية الضخمة من البيانات التي حصلنا عليها من مصادم الهدرونات الكبير تمكننا من متابعة البحث عن الجسيمات الغريبة والظواهر الفيزيائية النادرة. هناك الكثير مما يمكن اكتشافه وأنا سعيد لكوني جزءاً من هذا العمل"

Source: ScienceAlert - Latest