غياب جنوبي مريع

رحم الله الفقيد هشام باشراحيل مالك وناشر " الأيام "..لقد قدم للجنوبيين مثال حي للنضال الوطني النخبوي الملتزم ، لكنهم لم يطوروه بل اضاعوه ، فقد كان رحمه الله والايام حاملا وطنيا نخبويا احتضن قضية الجنوب وهي مظلوميات فردية لاشخاص لا ناصر لهم فاستطاع بدهاء نخبويته ومعرفته بكيفية استخدام اللغة النخبوية أن يكون حاضنا ومعرفا للقضية وباعثا للوعي بها حتى نضجت عوامل ظروفها وقدم مالم يقدمه غيره ورغم ذلك لم نسمع انه طلب استحقاقا سياسيا حتى وفاته .
 
كنت أقرأ تقريرا أصدره مجلس الشؤون الدولية الروسي عن الملف اليمني في جزئه الأول ولم اطلع على الجزء الثاني من التقرير بعد ، لأنه ليس موضوع هذا المقال ، لكن اكتشافه مهم في لهذا المقال ..
في هذا الجزء من التقرير وجدت عفاش/ الحوثي/ الاصلاح ولم اجد الجنوب إلا في إشارات باهتة تخلو من خطاب الجنوب الداعي للاستقلال ومقاومته ودورها في مواجهة وهزيمة الغزو الحوثعفاشي ودورها في محاربة الإرهاب .
الإرهاب الذي ركز التقرير على استفادته من الحرب وكانه يربط محاربته بايقافها !!
 
 الحقيقة أن هذا الوضع يؤكد حالة عقم نخبوي بكيفية التعامل مع العالم فغطى التسابق على الواجهة السياسية على كل ماعداه وخلق حالة بلادة نخبوية ، حتى ان من أسهم في هذه المجال يعمل منه استحقاق سياسي لايجب التنازل عنه وهذه كارثة انه بعد مرور هذه الفترة لم تتاهل نخب وجمعيات ومراكز دراسات...الخ تخلق علاقات عامة وتتواصل من نخب العالم المؤثرة للتعريف بالقضية ووضعها في المكان اللائق في تلك المراكز فوجود عفاش/ الحوثي /. الإصلاح لم يجيئ صدفة بل عبر نشاطات نخبوية تعرف كيف تحقن وتوظف مشاريعها في شريانات واوردة دول القرارات الدولية .
 
 هذا الفراغ يؤكد ان نخب وشخصيات الحراك الجنوبي منذ 2007م وهي تتصارع مصارعة الديكة حول من هو الممثل السياسي للقضية بينما للقضية ساحات نضال تركتها ولم تحل فيها نخب جنوبية بل تركوها فارغة لاعدائهم يؤسسون مايريدون ويؤصلون مايشاءون فيها
 
 الحالة تتطلب قرع الجرس لأنها تؤكد ضمور بل انعدام وجودنا في منظمات العمل المدني والحقوقي والإنساني ومراكز الأبحاث الاستراتيجية ومراكز محاربة التطرف والإرهاب وغيرها من النشاطات النخبوية المجتمعية التي تشكل وعي شعوبها وتكون من المسجات الفعلية لاتخاذ القرار في دولها فلم تقتحم نخبنا هذه الانساق وتفتح الآفاق للقضية وتجلو غوامضها للآخر الأجنبي أو العربي وان الموجود فيها اعداءنا
قال أحد السياسيين الجزائريين عن دور النخب
: لقد كان دور النخب الجزائرية وخدمتها لتحرير الجزائر في المجالات والمحافل العالمية اكثر من دور النخب السياسية والثورية .
 
 الدور النخبوي خلط السياسة بالحقوق المدنية والاجتماعية بالجوع والمرض بالابادات وبجرائم الحرب بالعلاقات العامة بالنشاط الاكاديمي. .الخ وتقديم وصفه مقنعة تبدو في ظاهرها غير سياسية ومخاطبة العالم بها بلغته ومعرفة مؤسسات اتخاذ القرار في أي بلد والمؤسسات الداعمة والاستشارية للقرار وضرورة وصول اليها وربط العلاقة معها وايضاح قضيتنا لها وهذه ليست من مهام النخب السياسية لكن على النخب السياسية رعايتها واختيار الاجدر وتاهيله ثم دعم تشكيل جمعيات وفقا لسياسة اي بلد ليوصل القضية الى تلك النخب واستمالتها الى عدالة قضيتنا بحيث تكون حاضرة في تقارير مراكز ومعاهد وجمعيات تلك البلدان لعرضها على صانع القرار
 
 أن النخب الاكاديمية والإنسانية والحقوقية ومراكز الدراسات المراكز الحقوقية والسياسية ومراكز دراسة الإرهاب وجمعيات العمل المدني والحقوقي وأساتذة الجامعات ففي هذه المجالات تقع المسؤولية لكن ليس على طريقة خطاب الحشد الجماهيري فلتلك النخب لغتها التي يجب أن نعرض قضيتنا بها .
 
 الجنوبيون لايريدون من النخب ومراكز الدراسات عرض دراسات عليهم لتعريفهم بقضيتهم فهم يعرفونها ، بل يريدون من تلك النخب أن تؤسس علاقات مع شخصيات تلك المراكز أولا ، ثم توصل تلك الدراسات إلى مراكز العالم ونخبه كل في مجال اختصاصه

مقالات الكاتب