مقال لـ مريم عرجون (الحب نصيب)

هناك من النساء من شغلها الشاغل في هذه الدنيا هو كيف تزيد الزوج أو الحبيب عشقا لها وتعلقا بها. لكن يا لخيبة أملها إن هو تركها وانصرف لغيرها بعد كل هذا الجهد. فتبدأ تعداد مزاياها و تتساءل عن السبب، خاصة إن كانت جميلة و مثقفة وربما أما لأولاده أيضا، لتجد نفسها محاصرة بأفكار تدمر نفسيتها أو تجعلها تكره كل إمرأة سعيدة مع زوجها، و كل رجل محب ومتعلق بزوجته على ما هي عليه من بساطة في الشكل وفي المستوى الاجتماعي.


سمعت مرة من سيدة عاشت تعيسة مع زوجها، تقول لي بصوت مشحون بالغيظ: "أنا أكره أن أرى أي امرأة سعيدة، فكما تعذبت أنا مع زوجي أريد العذاب لكل النساء". (اللهم إهدي عبادك).


المهم، و على طريقة أحد مشايخنا الأعزاء، والله وبالله وتالله، لا يستحق أي رجل من النساء بأن تغضب لأجله، لأنه إن كنت فعلت المستحيل لأجله و عن صدق محبة منك له وهو لم يقدر، فهذا يدل على أنه لا يستحق و هنا الحسبة منتهية. وإن كان جهدك ذلك تجارة بين غرورك الاجتماعي وكبريائك الأنثوي فأيضا الحسبة منتهية، فالحب و التجارة ثنائي يستحيل جمعهما معا، و كل ما تفعلينه هو تغليف للحقيقة الوحيدة، هي أنه لا يحبك. 


ذات مره تأملت في النساء اللاتي سلبن عقل السلاطين و الملوك و الأمراء، فوجدت أنهن كن جميعا على النحو التالي:
أولا وقبل كل شيء "ذكيات عرفن كيف يستغللن جمالهن أو عرفن كيف يكن جميلات. فالجمال بلا ذكاء حدوده نظرة العين، تلك النظرة التي لا يشبع منها الرجل". وكما قال الموسيقار محمد عبد الوهاب: "كل الستات جميلات". و هذه عموما سنة الله في خلقه للإنسان، فمن منا لا يحب الجمال.


لكن قبل أن يكن كذلك كانت هناك الكواليس، وهي في نظري هي الأهم، لأنها أعمدة استغلال الثنائي "جمال و ذكاء" ألا وهي "الفضول و الطموح". فمن المستحيل للذكاء أن يتطور دون معرفة ومن المستحيل للمعرفة أن تثمر دون طموح.


يقال إن زينب النفزاوية كانت ذكية وجميلة لكنها كانت تحب المعارف وصاحبة طموح. فمن ضمن ما قيل عنها أنها كانت تحلم بالزواج من رجل يوحد بلاد المغرب الكبير، وكذلك كان. فلكل امرئ ما نوى. و عندما سئل السلطان المرابطي يوسف بن تاشفين عن سر حكمته: قال تعلمتها من زينب.


عودة لموضوعنا الأساسي... يبقى هناك دائما شيء خارج عن إرادتنا نحن البشر.. قد تجد امرأة اجتمع فيها جمال الخلقة والخلق، والعلم والنسب، والصدق في الحب، لكن تكون النتيجة أن يتركها الرجل ويختار غيرها ليس لقلة مروءته أو رجولته، لكنه و بكل بساطة لا يريدها.


وكما قال الحبيب عليه الصلاة و السلام : (الحب رزق و قد رزقت حب خديجة (رضي الله عنها)).


عندما سمع هارون الرشيد عن جنون قيس العامري، حمله الفضول على البحث عمن تكون ليلى، ظنا منه أنه سيرى امرأة خارقة الجمال. لكنها عندما حضرت وجدها شديدة السمرة، باهتة الملامح، ذات عينين ذابلتين، فقال لها متعجبا إنه لا يرى فيها جمالا يجعله يجن كما فعل العامري، فردت عليه قائلة: عليك أن تراني بعين قيس.

مقالات الكاتب