عن مذبحة روان الفرنسية!

وهكذا، سينسى العالم ما يجري في سوريا من دمار وقتل، وما يجري في العراق من تفجيرات ونهب للثروات، وفي تركيا كيف يستغل أردوغان ”الديمقراطية” ليحول بلد أتاترك إلى دولة خلافة جديدة، فكل يوم تطال الاعتقالات أحرار تركيا وكل من يعارض السلطان. هكذا، تلتفت كل الأنظار إلى الغرب المرعوب مثل العذارى بعد أن انتشر الإرهاب وليس الجهاد في كل ربوع أوربا، لأنه لما يكون الهدف في فرنسا أو بلجيكا أو غيرها من البلدان الغربية، يسترجع المجرمون تسميتهم الحقيقية الإرهاب وليس ”الجهاديين”.

 

لا أدري إن كنت سأفرح لأنه لم تعد خريطة الجزائر هي التي تظهر على الفضائيات والمواقع الإخبارية وفوقها لطخة حمراء نارية، تلك الصورة التي اقترنت ببلادنا لسنوات، لما كذّب العالم كله أن الإرهاب لا يستهدف الجزائر وحدها، بل سيصل الخراب كل العالم ما لم يتجند له الجميع لمواجهته.

 

هل سأفرح أن داعش ذبحت قسا في كنيسة بمدينة روان الفرنسية، فرنسا التي استعملت لأكثر من عقدين جريمة رهبان تيبحرين السبعة ورقة مساومة ضد الجزائر، تحقيقات تلو التحقيقات واتهامات وراء الاتهامات أن الجيش الجزائري هو من ذبح الرهبان!

 

طبعا لن أفرح، ولن أتشفى، فكل الجرائم الإرهابية بشعة ومدانة، وداعش فينا وفي كل شبر على الأرض، رغم أن حكومات الغرب ما زالت تحاول أن تجد في قتلة أطفال سوريا، معتدلين، فما الفرق بين ذبح قس في كنيسة نذر عمره الذي تجاوز الثمانين لنشر المحبة والسلام، وبين ذبح طفلا فلسطينيا في حلب التي كانت آمنة قبل أن يأذن ساركوزي وأوباما وحلفائهما ببداية الخراب؟!

 

فعندما يذبح الإرهاب ويقتل في أوربا يكون المجرم اسمه داعش والضحية بريئا، وعندما يقتل في سوريا يكون ثوار حرية معتدلين والضحية نظام بشار وشبيحة حتى وإن كان طفل في عمره 12 سنة. فهل من أدان جريمة قطع رأس عبد الله الفلسطيني من أيام؟! لا أحد!

 

كم من جريمة أخرى ستهز فرنسا وألمانيا، ليفهم الشعب هناك أن الوضع العالمي خطير، وأن داعش ليست مصيرا محتوما علينا نحن، بينما مصيرهم العيش بسلام وأمن، يتفرجون علينا كيف نذبح ونغتصب ونحرق وتدمر مدننا!

 

على المجتمع الدولي، وأستثني الحكومات والسياسيين المتآمرين على سوريا والعراق وليبيا وقبلها الجزائر، أن يثر في وجه هذه الجرائم الفظيعة ويجبر حكوماته على الوقوف ضدها بقوة، مهما كانت التسميات التي تحملها، وأن تتوقف عن استعمالها لإحكام قبضتها على بلداننا وعلى ثرواتها، وإلا فإن رقابا أخرى مرشحة للجز وأطباء آخرين ونساء سيقتلون في كل مدينة من مدن أوربا، التي ما زالت تحتضن الداء وتزوده بالقوة والدعم الإعلامي وتسميه ثوارا يطالبون بالديمقراطية!

مقالات الكاتب