جريمة ميونيخ وعولمة الرعب

مهما كانت براءة مجرم ميونيخ من انتمائه لداعش، مثلما أكدته البيانات الرسمية للحكومة الألمانية، إلا أن ألمانيا ليست في مأمن من الجماعات المتطرفة، والمندسة بين اللاجئين السوريين والعراقيين وغيرهم.

 

فمنذ أيام كشفت وسائل إعلام أوروبية عن التقاء إيزيدية من المختطفات المحررات بإرهابي داعشي كان استعبدها جنسيا لعدة أسابيع، جاء هو الآخر لاجئا إلى بلاد الخالة ميركل، التي فتحت أبواب بلادها للفارين من نيران الحرب، تكفيرا عن ذنب تاريخ أجدادها ضد المضطهدين من اليهود، والمحارق ومراكز النفي.

 

منذ أشهر زرت كولن الألمانية، والتقيت بمجموعة من اللاجئين السوريين الشباب في أحد مراكز اللجوء، وكم كانت صدمتي من الخطاب المتطرف لبعضهم، وإن كان أغلبهم جاء هاربا من التجنيد الإجباري في صفوف الجيش النظامي، إلا أن أغلبهم كان يحاول جاهدا إخفاء تطرفه، لكن سرعان ما يخونه لسانه، خاصة عندما يرد أحدهم على تساؤلنا أين النساء؟ ويقول إن المرأة عورة وليس فقط صوتها وبالتالي ليس من حقها الحضور والتعبير عن وضعها. وقتها فهمت أن ألمانيا مثل فرنسا أو بريطانيا وغيرها، لن تكون في مأمن من شرور الدواعش، ولتسميها ذئابا منفردة، أو تحاول إخفاء حقيقته تحت مسمى الجنون، حتى لا تستغل القضية سياسيا من طرف الخصوم.

 

إنها عولمة الرعب، وعولمة الجريمة ومهما حاولت القوى الغربية حصر داعش في سوريا والعراق فلن تنجح وسيعود مفعول ”البومرونغ” إليها، طال الزمن أو قصر. فالعولمة هي أيضا عولمة الجريمة وعولمة الإسلام السياسي بأجنحته المسلحة القاعدة أو داعش أو غيرها من المسميات فالإسلام السياسي ومن يروجون له لم يخفوا أبدا مشروعهم العابر للقارات، وصرح زعيم داعش من أشهر أنه حان الوقت لنقل ”الجهاد” مثلما يسميه الإعلام الغربي إلى أوروبا وأمريكا.

 

فلن يبقى الغرب في مأمن وهو يدعي أنه يحارب داعش وترسل فرنسا طائراتها لقصف مواقعهم في سوريا، بينما يكشف الإعلام في سوريا أن طائرات روسية قصفت مواقع لداعش تبين فيما بعد أنها قواعد أمريكية لتدريب الجيش الحر، فهل نسيت بريطانيا وأمريكا احتضانها لجماعة بن لادن سنوات الثمانينيات والتسعينيات، في حربها الباردة ضد الروس، وكيف انقلبوا عليها، بعدما انتهت مهمتهم مؤقتا في أفغانستان؟

 

لن يكون طوفان الدم من نصيبنا وحدنا، ودروس الحربين العالميتين يجب إعادة قراءتها من جديد، فقد تنسيهم جرائم داعش، جرائم هتلر، ومحرقته، والخطر هو هنا، والذئاب المنفردة تقف أمام كل بيت هناك، ولن يجديهم التساؤل من أين جاءهم هذا، ولا البحث عن هوية المجرم، لا نفع من ذلك!

مقالات الكاتب