ضغوط دولية على انقلابيي النيجر مع بدء العد التنازلي لـ"التدخل العسكري"

عدن لنج/ وكالات
تجمع مئات الأشخاص عند دوار الفرنكوفونية في نيامي الأحد، ملبين دعوة الانقلابيين الذين أطاحوا بالرئيس المنتخب ديموقراطياً محمد بازوم، في ظل الخشية من تدهور في الأوضاع قد يصل إلى حدود التدخل العسكري الأجنبي.
 
العد التنازلي
 
وبدأ العد التنازلي للمهلة التي منحتها دول غرب إفريقيا "إيكواس" لانقلابيي النيجر لإعادة الرئيس المنتخب للبلاد محمد بازوم إلى منصبه إذ من المرتقب أن تنتهي، مساء الأحد، فيما أعلنت المجموعة، الجمعة، أنه تم  تحديد كل عناصر التدخل المحتمل، بما في ذلك الموارد اللازمة، وكذلك كيف ومتى ستنشر القوة؟ وسط تصاعد الضغوط الدولية وانقسام إفريقي في شأن التدخل العسكري.
 
ضغوط دولية
 
في السياق تتصاعد ضغوط المجتمع الدولي على الانقلابيين في النيجر عشية انتهاء إنذار وجهته المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) مؤكدة استعدادها للتدخل عسكرياً.
 
والسبت، أكدت الخارجية الفرنسية دعمها "بحزم وتصميم" لجهود إيكواس لدحر محاولة الانقلاب. وجاء في بيان أن "مستقبل النيجر واستقرار المنطقة بأكملها على المحك".
 
الإرهاب والساحل الإفريقي
 
في السياق اعتبر وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو في مقابلة خاصة مع وكالة الصحافة الفرنسية، أن الانقلاب في النيجر "خطأ فادح في التقدير يضعف مكافحة الإرهاب" في منطقة الساحل.
 
وأضاف، جاء هذا الإعلان بلا تفكير وهو يفتقر إلى الشرعية وبالتالي فهو باطل. 
 
وتابع: "فرنسا تعترف فقط بالسلطات الشرعية للنيجر، تماماً مثل أعضاء المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) وعديد من الدول الحليفة".
 
وتعد النيجر واحدة من أفقر البلدان بالعالم، إذ يأتي ما نسبته 40 في المئة من موازنة البلاد من المساعدات الخارجية وستعاني بشدة غيابها إذا لم تتم إعادة النظام الدستوري. 
 
كما أن السياق الأمني صعب للغاية، مع وجود جماعة "بوكو حرام" من جهة وتنظيم "داعش" في الصحراء الكبرى من أخرى.
 
وأردف الوزير الفرنسي، "وجودنا العسكري في النيجر جاء بطلب من السلطات النيجرية الشرعية للمساعدة في مكافحة الإرهاب.. اتخذت هذه المساعدة أشكالاً عدة: التدريب، والمساعدة الاستخباراتية، وكذلك الدعم القتالي بقيادة النيجر".
 
وزاد بالقول: "لذلك، تختلف طريقة العمل عن طريقة عمل قوة برخان التي كنا ننشرها في مالي".
 
ومضى قائلا: "بدأ التعاون العسكري، القائم منذ عام 2019، بتحقيق نتائج مهمة، لا سيما في ما يسمى منطقة المثلث الحدودي بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر.. عندما زرت المنطقة، رأيت أن آلاف الكيلومترات المربعة أعيدت إلى السكان، لا سيما لأغراض الرعي والإنتاج الزراعي".
 
وفيما يخص اقتراب انتهاء إنذار التدخل العسكري لـ"إيكواس"، قال الوزير الفرنسي،  الإنذار صدر وليس لي أن أعلق عليه.. نرى أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا تتولى مسؤولياتها في إدارة هذه الأزمة، مع اتخاذ مواقف قوية لصالح احترام القانون الدولي والعمليات الديمقراطية.. هذه خطوة مهمة يجب دعمها.
 
خطة التدخل العسكري
 
والجمعة، اجتمع القادة العسكريون لدول المجموعة في العاصمة النيجيرية أبوجا لمناقشة سبل التعامل مع أحدث انقلاب في منطقة الساحل الإفريقي.
 
وقال مفوض الشؤون السياسية والأمن في المنظمة الإقليمية عبدالفتاح موسى: "تم في هذا الاجتماع تحديد كل عناصر التدخل المحتمل، بما في ذلك الموارد اللازمة، وكذلك كيف ومتى سننشر القوة؟".
 
في الـ30 من يوليو وبعد أربعة أيام من الانقلاب الذي أطاح الرئيس المنتخب محمد بازوم، أمهلت دول غرب إفريقيا الانقلابيين سبعة أيام، أي حتى مساء اليوم الأحد لإعادة بازوم إلى منصبه تحت طائلة استخدام "القوة".
 
في السياق، أعلنت الحكومة الكندية، السبت، أن كندا قررت تعليق مساعدات التنمية المباشرة لحكومة النيجر رداً على محاولة الانقلاب في البلاد.
 
وأضافت الحكومة في بيان: إن التعليق سيشمل دعم كندا المباشر المرتبط بالميزانية لحكومة النيجر.
 
وشهدت النيجر، الجمعة والسبت، تظاهرات دعماً للانقلابيين في مختلف أنحاء البلاد، رفع خلالها العلمان النيجري والروسي، إضافة إلى صور العسكريين الذين نفذوا الانقلاب، وفق التلفزيون الرسمي وصحافيين محليين.
 
وفي باريس، تظاهر نحو 30 شخصاً تأييداً لبازوم، بينهم رئيس وزرائه الذي قال "بالنسبة إلى الإنذار، لا يزال هناك وقت.. لا نزال نأمل أن تثمر المفاوضات وألا يحصل بالضرورة تدخل عسكري".
 
وأكد أن بازوم المحتجز منذ يوم الانقلاب في 26 يوليو "في صحة جيدة جداً".
 
انقسام إفريقي
 
في المقابل، يحظى المجلس العسكري بدعم مالي وبوركينا فاسو، الدولتين المجاورتين للنيجر واللتين يحكمهما عسكريون بعد انقلابين في 2020 و2022.
 
وقال البلدان اللذان تم تعليق عضويتهما في هيئات "إيكواس": إن أي تدخل مسلح في النيجر سيعتبرانه "إعلان حرب" عليهما أيضاً، وسيؤدي إلى انسحابهما من الجماعة الاقتصادية.
 
كذلك، أعلنت تشاد المجاورة التي تعد قوة عسكرية مهمة، عدم مشاركتها في أي تدخل عسكري. وقال وزير دفاعها داود يايا إبراهيم "تشاد لن تتدخل عسكرياً أبداً.. لقد دافعنا دائماً عن الحوار.. تشاد وسيط".
 
 ومعلوم أن تشاد ليست عضواً في إيكواس.
 
وفي بنين المجاورة للنيجر، أكد وزير الخارجية أولشيغون أدجادي بكاري أن الدبلوماسية تظل "الحل المفضل"، لكنه قال إن بلاده ستحذو حذو إيكواس إذا قررت التدخل.
 
الجزائر ترفض
 
في السياق أعلن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، في وقت متأخر السبت، أن الجزائر ترفض قطعاً أي تدخل عسكري في النيجر.
 
وقال تبون في مقابلة مع وسائل إعلام محلية "أي تدخل سيشعل منطقة الساحل" الإفريقي.
 
وأضاف "نحن مستعدون لمد يد المساعدة للنيجر، والجزائر لن تستعمل القوة مع جيرانها".
 
قاعدة العبور للإرهاب
 
اكتسبت النيجر دوراً محورياً في العمليات الفرنسية لمحاربة التنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل منذ خروجها من مالي بطلب من المجلس العسكري الحاكم في هذا البلد في صيف 2022.
 
وشكلت النيجر في البداية قاعدة عبور للعمليات في مالي، قبل أن تستقبل القسم الأكبر من القوات الفرنسية في قاعدة جوية في نيامي.
 
 وسيكون انسحاب 1500 جندي فرنسي من النيجر بمثابة نكسة جديدة لباريس في حربها ضد الإرهاب.
 
وبعد فرنسا وألمانيا وهولندا، أعلنت الولايات المتحدة، الجمعة، تعليق بعض برامج المساعدات المخصصة لحكومة النيجر، مع تأكيدها أن "المساعدات الإنسانية والغذائية المنقذة للحياة سوف تستمر".
 
في نيجيريا، حض كبار السياسيين الرئيس بولا تينوبو على إعادة النظر في التهديد بالقيام بتدخل عسكري.
 
ودعا مجلس الشيوخ النيجيري "رئيس جمهورية نيجيريا الاتحادية بصفته رئيساً للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) إلى تشجيع القادة الآخرين في المجموعة على تعزيز الخيارات السياسية والدبلوماسية".
 
ونصح أعضاء في مجلس الشيوخ من ولايات في شمال نيجيريا التي تتشارك سبع منها حدوداً بطول 1500 كيلومتر مع النيجر، بعدم القيام بأي تدخل عسكري حتى يتم استنفاد جميع الخيارات الأخرى.
 
والسبت، شجب أكبر تجمع للمعارضة في البلاد العملية العسكرية المحتملة في النيجر باعتبارها "غير مدروسة على الإطلاق".
 
وقال تحالف الأحزاب السياسية المتحدة: "لقد تم إرهاق الجيش النيجيري على مر السنوات في محاربة الإرهاب وجميع أساليب التمرد التي لا تزال نشطة إلى حد كبير".